فإن قيل: هذا يمنع من الجمع بين الصلاتين؛ لأنه إذا صلى صلاة بالتيمم، وأراد أن يجمع بينها وبين الأخرى مثل صلاة الظهر والعصر في وقت الظهر فتشاغله بطلب الماء للثانية، فإن لم يجده تيمم يخرجه عن الجمع بين الصلاتين، وقد أبيح له الجمع بينهما لعذر السفر أو المرض، وصورة الجمع أن تكون الصلاة الثانية تالية للأولى بلا فصل.
قيل: عن هذا جوابان:
أحدهما: أن صورة الجمع تقديم الثانية إلى وقت الأولى، وإن انفصل بينهما بركعتين تنفل جاز، فلا يمنعه الفصل القريب (١).
والجواب الثاني: هو أن ما يمنع من الفصل بينهما إذا كان الفصل لا لأجل أسباب الصلاة، فأما إذا كان بأسباب الصلاة لم يمنع، ألا ترى أنه قد يفرغ من الصلاة الأولى ثم يجوز أن يؤذن للثانية ويقيم، ولم يمنع هذا من الجمع؛ لأن الأذان والإقامة من شعار الصلاة، فهو كالشروع فيها، فكذلك طلب الماء والتيمم من شعار الصلاة، فهو كالشروع فيها، وكذلك لو وجب عليه صلاتان فائتتان على أظهر الروايتين عن مالك ﵀.
ونقول أيضا: إنه قد صارت الصلاة علة في وجوب الطهارة، كما أن السهو فيها علة في وجوب سجوده، فكل مصل تجب عليه الطهارة، كما أن
(١) ويدل عليه حديث أسامة بن زيد في حكايته صلاة النبي ﷺ بمزدلفة قال: فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت الصلاة فصلى، ولم يصل بينهما". أخرجه البخاري (١٦٧٢).