للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنه ورد خاصا في المقيم؛ لأن أبا ذر انتقل بأهله إلى الربذة مقيما بها معهم.

وأيضا قول النبي : "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأين أدركتني الصلاة تيممت وصليت" (١).

وهذا عام، لم يخص سفرا من حضر، فهو على عمومه إلا أن يقوم دليل.

ويجوز أن نستدل (٢٠٩) بقوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ (٢).

وهذا عام فيمن لم يجد الماء وعدمه، فإنه يتيمم إلا أن تقوم دلالة.

هذا على أبي حنيفة؛ لأن الشافعي يوافقنا على أنه يتيمم.

فإن قيل: هذه الآية حجة لنا؛ لأنه تعالى أباح التيمم بشرط المرض والسفر، فلو جعلناه عموما في كل محدث حاضر ومسافر لكان ذكر المرض والسفر لغوا لا فائدة فيه، وإن جعلنا نفس المرض والسفر بمنزلة الحدث كان ساقطا، فعلمنا أن المرض والسفر خصا في جواز التيمم عند عدم الماء.

قيل: هذا فاسد، وإنما ذكر السفر والمرض لمعنى، وهو أنه لو لم يذكرهما لجاز أن يظن ظان أن المرض لشدته وما قد أبيح للإنسان فيه من الفطر والجمع بين الصلاتين، وأنه يثقل عليه ما لا يثقل على الصحيح، وكذلك مشقة السفر وقلة المياه في غالب الحال ما يجوز مع ذلك سقوط


(١) تقدم تخريجه (٣/ ٤٢).
(٢) سورة المائدة، الآية (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>