قيل: إن كان الصداع يضره الماء البارد الشديد البرد حتى يخاف منه تزايد الصداع فله أن يتيمم، فأما إن كان الصداع من شدة الحمى ينفعه الماء فإنه يستعمله، وكذلك الحمى التي تُكسر بالماء، فالمعنى في هذا النوع أنه لا يخاف مرضا ولا زيادة فيه، بل هو ينفعه.
فإن جعلوا العلة في الصحيح قيل: إن كان الصحيح يخاف أن تحدث به علة مثل النزلة من شدة برد الماء إن اغتسل وهو جنب، أو يخاف حمى فإنه يتيمم، وإن لم يخف شيئًا من ذلك فالمعنى فيه أنه غير خائف، وليس كذلك المريض الذي يخاف تزايد ما به؛ لأن تزايده من أسباب التلف، وقياسنا أولى بشهادة الأصول؛ له.
فإن قيل: إن الله تعالى ما أباح للمريض التيمم إلا وأباح للمسافر التيمم لأنه قال: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ (١)، ثم تقرر أن المسافر الواجد للماء لا يجوز له أن يتيمم إلا عند الخوف من التلف.
قيل: عن هذا جوابان:
أحدهما: أن المسافر إذا خاف العطش فليس يخاف التلف، وليس كل عطش يخاف منه التلف، وله أن يحبس الماء خوف العطش، والإنسان لا يعلم مقدار ما يحدث له من العطش، فينبغي أن يكون المريض الخائف من حدوث المرض أو تزايده كالخائف من العطش أو تزايده.
والجواب الآخر: هو أن المسافر لو لم يخف العطش وخاف استعمال