للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كفارة أخرى لم يبن على البعض الذي مضى في الكفارة الأولى، فلهذا لم يلزمه عتق بعض الرقبة، فكان فرضه الصيام أو الإطعام، وليس كذلك في الماء؛ لأنه يستفيد باستعمال الماء الذي وجده، وهو أنه إذا وجد الماء الذي يتمم به غسل باقي الأعضاء غسل به العضو الذي لم يغسله (١) وبنى عليه، وارتفع حدثه فلهذا لزمه (٢).

قيل: أما ما ذكرتموه أنه دعوى بلا دليل فمحال؛ لأننا قلنا: إن البدل والمبدل لا يجتمعان، كما أن بعض الرقبة هو مبدل فلا يجتمع معه الصيام، كذلك غسل الوجه بالماء القليل لا يجتمع معه التيمم؛ لأن الماء القليل مبدل والتيمم بدله.

وأما الفرق الأول فليس بشيء؛ لأنه لم يجز أن يجتمع في الكفارة عتق عن مبدل وصيام هو بدل، بل يسقط حكم بعض الرقبة أصلا، وعدل إلى البدل الذي هو الصيام (٣) كذلك يجب أن يسقط حكم الماء القليل في الطهارة ويعدل إلى التيمم الذي هو بدل، ولا يجتمع في الوجه غسل وهو مبدل مع مسح هو بدل، وقد ذكرنا أن التيمم في الجنابة يسقط حكم سائر البدن أصلا، فلا يجتمع فيه غسل ومسح؛ لأن الخلاف فيه واحد، فكذلك يسقط حكم الماء القليل أصلا في الوجه، ويعدل إلى التيمم الذي هو البدل، ولا يجتمع


(١) ويستفيد به أيضًا أن يرفع الحدث عن العضو الذي غسله. انظر المجموع (٣/ ٢٨٥).
(٢) وهناك فرق آخر بالنص أشار إليه النووي بعد ذكره للوجهين اللذين حكاهما المصنف، قال: "أما النص فقوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا … فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ﴾، معناه لم يجد رقبة، وهذا لم يجدها، وقال تعالى في التيمم: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ وهذا واجد للماء". المجموع (٣/ ٢٨٥).
(٣) انظر الأوسط (٢/ ١٥١ - ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>