للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأصل، دليل ذلك: الرقبة في الكفارة إذا ملك بعضها ولم يقدر على الباقي صار حكم ما قدر عليه منها في حكم عدم الكل، فوجب العدول إلى البدل، وترك استعمال ما يجده منها.

فإن قيل: إنما عدل إلى الصوم في الكفارة مع وجود بعض الرقبة؛ لأن اسم رقبة لا يتناول بعض رقبة، والماء القليل يتناوله اسم ماء كما يتناول الكثير (١).

قيل: إن أردت أن اسم "ماء" يكفي لعضوين يقع على اسم ماء يكفي لأربعة أعضاء فإن هذا محال، وقد بينا أن المراد بقوله: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ (٢) يكفي للوضوء وللجنابة.

والكلام معكم في الحكم، فالتفرقة بالأسماء لا معنى له، ألا ترى أنه تعالى قال في الكفارة: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ﴾ (٣)، فأضاف اسم جنس الصيام إلى الأصل المذكور، فلو قال قائل: أنا إذا صمت يوما أو شهرا فإنه يقع عليه اسم صوم، كما يقع على صوم شهرين اسم صوم، فأجوز بعض الصيام إذا قدر عليه، وأستعمل الإطعام عن الباقي، وأفرق بينه وبين الرقبة؛ لأن بعضها لا يتناوله اسم رقبة، وصوم يوم من شهرين يتناوله اسم صوم لكان قوله ساقطا؛ لأنا نقول له: إذا أضيف اسم الجنس إلى شيء فالمقصود الاسم على الصفة التي وصف عليها، فكذلك قوله: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ (٤) أي


(١) تقدم نقل نحوه عن النووي.
(٢) سورة المائدة، الآية (٦).
(٣) سورة المجادلة، الآية (٤).
(٤) سورة المائدة، الآية (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>