للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ماء يكفي الوضوء فتيمموا، فالمقصود أنه عدم ماء هذه صفته.

وعلى أن ذلك الخطاب يقتضي أن لا يتيمم مع وجود الماء القليل، فإن قام دليل جواز التيمم زيادة على الماء جاز أن يقوم دليل على إسقاط الماء، والاكتفاء بالتيمم إذ حدثه لا يرتفع مع استعمال الماء والتيمم.

فإن قيل: فقد روي عن رسول الله في الرجل الذي أصابته شجة واحتلم، فسأل بعض الصحابة هل من رخصة؟ فلم يرخص له في المسح فاغتسل فمات … الحديث إلى قول النبي : "إنما كان يكفيه أن يتيمم، أو يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده" (١).

فأخبر النبي عن الجمع بين التيمم والغسل بالماء لما قدر عليه، والمسح على ما عجز عنه.

قيل: هذا كلام في مسألة أخرى خارجة عن مسألتنا وذلك أنه إن كان قادرا على غسل أكثر بدنه، عاجزا عن غسل أقله فإنه يمسح على ما عجز عن غسله، ويغسل الأكثر، ويصير في حكم المغتسل لزوال حدثه، فلا يكون لتيممه معنى؛ لأنه لا يرفع الحدث، وما مسح عليه وغسل الباقي قد ارتفع حدثه بذلك، كما لو مسح على خفيه مع غسل بعض أعضائه لم يحتج معه إلى تيمم؛ لأن حدثه قد ارتفع، ولو كان أكثر بدنه جريحا لا يستطيع غسله ولم يبق منه إلا يد أو رجل صحيحة فإنه يتيمم حسب، لا يلزمه غير ذلك (٢)، فثبت أن الحديث لم يَرِد لما ظننتموه.


(١) تقدم تخريجه (٣/ ٣٤١).
(٢) وسيأتي تفصيل ذلك في مسألة قادمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>