على أنه قد روي فيه:"إنما يكفيه أن يتيمم أو يعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده"(١).
فأفرد التيمم عن المسح والغسل، ولا دلالة لكم في الخبر؛ لأننا نقول: إنه لا يجمع بينهما.
فإن قيل: وجدنا الإبدال على ضربين: ضرب منها يتبعض، وضرب لا يتبعض، والماء مما يتبعض في الاستعمال في العرف والدين، والرقبة لا تتبعض، فوجود الجزء من المتبعض في منع بدله كوجود الكل، يدل على ذلك أن من وجد شيئًا من طعام حلال يقع موقعا لكنه لا يشبع، ولا لكل الجوع يدفع فإنه بالإجماع يبدأ بالحلال فيتناوله، ثم يصله بما قد أبيح للضرورة إن دامت حاجته إليه، كذلك في مسألتنا.
قيل: هذا غير صحيح في التشبيه وذلك أنه قد استوى في سد الرمق الحلال والحرام، ألا ترى أن الماء النجس والماء الطاهر في شربهما للضرورة على منزلة واحدة، وقد اختلف حكمهما في الطهارة، حتى جعل بدل الماء النجس التيمم إذا عدم الماء الطاهر، ولم يجز استعمال الماء الطاهر والماء النجس في الطهارة.
ثم إن هذا ينقلب عليكم في الوضوء والتيمم جميعًا؛ لأنه مع استعمال الماء الذي يكفي لغسل وجهه لا يتممه بالتيمم الذي هو بدل عند الضرورة، وإنما يأتي بالتيمم الكامل على صفته لو لم يجد ماء أصلا.