للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: عن هذا جوابان:

أحدهما: أننا على هذا الوجه متفقون؛ لأننا نقول: إن طلب في رحله طلب مثله فلم يجده، وظهر أنه قد خبأه في موضع خفي عليه عند الطلب فإنه غير مفرط، فلا إعادة عليه، وإن ترك الطلب أصلا في رحله فإنه مفرط، وعليه الإعادة.

والجواب الآخر: هو أن يكون نسي أن في رحله ماء أصلا، وكان عنده أنه لا ماء عنده، فطلب من غير رحله فلم يجد فإن هذا أيضًا لا يكون مفرطا؛ لأن النسيان عذر أتاه من قبل الله تعالى، فكان عنده أنه لا ماء في رحله، فطلب من جهة أخرى، فلم يفرط فيما عليه من الطلب، فصار بمنزلة من غلب على ظنه أنه لا ماء في هذه الجهة، فطلبه من جهة أخرى فلم يجد، وليس عليه أن يطلب الماء من جميع الجهات، وإنما هو على ما يغلب على ظنه أنه يجده في تلك الجهة، فيكون الخلاف هاهنا واقعا، وفي الأول اتفاق.

والأولى عندي أنه إن لم يتعرض لطلب الماء في رحله أصلا أن يكون مفرطا عليه الإعادة، ويكون هذا وجه قول مالك: إنه يعيد أبدا.

ويكون وجه قوله: "لا إعادة عليه" إذا طلبه في رحله فلم يجده؛ لأنه خفي موضعه من رحله، فلم يفرط، والله الموفق.

ويجوز أن نحرر لموضع الخلاف قياسا فنقول: قد تيمم لعذر هو عجزه عن استعمال الماء حين خاف فوات الوقت فلم تجب عليه الإعادة، أصله المريض والمسافر إذا لم يجد الماء، ورد المعذور بالتيمم إلى مثله أولى من رده إلى غير جنسه. وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>