للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا فإن المسح مسحان: مسح على الجبائر، ومسح على الخفين، فلما تقرر أن المسح على الجبيرة غير مؤقت فكذلك المسح على الخفين [غير مؤقت؛ لأن كليهما] (١) رخصة.

فإن قيل: مسح الرأس واللحية عزيمتان، ومسح الخفين رخصة، ألا ترى أنه لو مسح شعر لحيته ورأسه، ثم سقط شعره لم ينتقض حكم مسحه، ولو مسح على خفيه ثم بدت رجله انتقض حكم مسحه، فأما مسح الجبائر فلا فرق بينها وبين الخفين؛ لأن مسح الجبيرة ما دامت الحاجة، وقد بينا أن حاجة المسح إلى الخفين هي ثلاثة أيام للمسافر، ويوم وليلة للمقيم (٢).

قيل: أما قولكم: "إن مسح الرأس عزيمة فلهذا لم يتوقت وليس كذلك مسح الخفين" فجوابه أنه لا تأثير لهذه العلة؛ لأن الجبيرة ليست بعزيمة، وهي غير مؤقتة مثل العزيمة، على أن العلة المتعدية أولى من غير المتعدية (٣).


(١) زيادة ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.
(٢) انظر أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٤٣٨ - ٤٣٩).
(٣) قال شيخ الإسلام في أثناء ذكره للفروق بين المسح على الجبيرة والمسح على الخفين: "إن الجبيرة. يمسح. عليها إلى أن يحلها، ليس فيها توقيت، فإن مسحها للضرورة، بخلاف الخف فإن مسحه موقت عند الجمهور، فإن فيه خمسة أحاديث عن النبي ، لكن لو كان في خلعه بعد مضي الوقت ضرر، مثل أن يكون هناك برد شديد متى خلع خفيه تضرر، كما يوجد في أرض الثلوج وغيرها أو كان في رفقة متى خلع وغسل لم ينتظروه فينقطع عنهم فلا يعرف الطريق، أو يخاف إذا فعل ذلك من عدو أو سبع، أو كان إذا فعل ذلك فاته واجب ونحو ذلك فهنا قيل: إنه يتيمم، وقيل إنه يمسح عليهما للضرورة، وهذا أقوى لأن لبسها هنا صار كالجبيرة من بعض الوجوه، فأحاديث التوقيت فيها الأمر بالمسح يوما وليلة، وثلاثة أيام ولياليهن، وليس فيها النهي عن الزيادة إلا بطريق المفهوم، والمفهوم لا عموم له، فإذا كان يخلع بعد الوقت عند إمكان ذلك عمل بهذه الأحاديث، وعلى هذا يحمل حديث عقبة .. وهو حديث صحيح". مجموع الفتاوي (٢١/ ١٧٧ - ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>