وأيضا فإن الأصول مبنية على أن حكم الإجازة والمنع إذا التقيا في حكم الرِّجل كانت الغلبة للمنع، ألا تري أنه لو نزع أحد الخفين بعد المسح صار إلى حكم الغسل، فكذلك إذا لبس أحدهما والحدث في الأخرى قائم صار إلى حكم المنع.
وأيضا فإننا وجدنا المسح يقتضي لبسا، واللبس يستدعي طهرا، ورأينا الأصول مبنية على أن كل موضع يستدعي صحته طهرا استدعى طهرا كاملا، كالصلاة لما استدعت طهرا استدعته كاملا، قبلها فصار قولنا لهذه الوجوه أولى.
ويجوز أن نعبر بعبارة أخرى فنقول: كل شيء يفتقر الجزء منه إلى الطهارة فإن جميعه يفتقر إليها، كالصلاة والطواف.
وبيان هذا هو أن أبا حنيفة يقول: إذا لبس خفه بالغداة على غير طهارة، واستدامه إلى الزوال وأحدث لم يجز له المسح عليه، ولو تطهر قبل الزوال وأحدث جاز له المسح عليه، فيعتبر أن يصادف الحدث بعض اللبس على طهارة، وهو اللبس الذي يتعقبه الحدث، واعتبرنا نحن جميع لبسه على الطهارة والله أعلم.