للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: فإن الرجلين لو كانتا باديتين لكان الفرض فيهما الغسل، وإذا كانتا مستورتين جاز المسح، فإذا تخرق بعض الخف، وظهر بعض الرجل فلا بد من تغليب أحدهما على الآخر، فتغليب حكم الغسل أولى؛ لأنه أصل والمسح بدل عنه.

قيل: إذا تفاحش ظهور الرجل فهو كما قلتم يغلب حكم الغسل، فأما إذا كان الخرق يسيرا غلب عليه حكم المسح (١)، كما قلنا في الدم، الأصل كون الثوب طاهرا من الدم فإن حصل فيه دم البراغيث غلب حكم العفو عنه، وإن كان على غير ذلك غلب حكم الإزالة، وكذلك كحكم العمل القليل الصلاة بخلاف الكثير.

على أنه إنما يغلب حكم الأصل وهو المبدل على البدل إذا وجد جميع المبدل، وهاهنا لم يوجد حكم جميع المبدل من ظهور القدمين أو أكثرهما، ألا تري أن واجد الرقبة في الكفارة يمنع جواز البدل الذي هو الصوم؛ لأن الرقبة التي هي الأصل موجودة، فمنعت البدل، وليس كذلك إذا وجد بعض الرقبة ولم يقدر على باقيها فإن الصوم الذي هو البدل جائز؛ لأن جميع الأصل معدوم، فكذلك ظهور القليل من القدم لا يمنع المسح الذي هو البدل، ويصير في حكم ما لم يظهر.

فإن فصلوا بين الموضعين بأن واجد بعض الرقبة لا يقدر على باقيها، والذي ظهر اليسير من رجله يقدر على الغسل الذي هو الأصل.

قيل: هذا الفرق لا ينجي مما ذكرناه؛ لأننا قد رأينا الفصل بين ظهور


(١) انظر التجريد (١/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>