للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول عمر: "والوضوء أيضا" يعني أنك تأخرت إلى هذا الوقت ولم تغتسل.

وقوله: "إن رسول الله كان يأمرنا بالغسل"، إنما هو على طريق الاستحباب بدليل ما قال : "من توضأ فبها ونعمت (١)، ومن اغتسل فالغسل أفضل"، وبهذا الإجماع.

وما روي أنه قال: "غسل الجمعة واجب" محمول على وجوب سنة بما ذكرناه من الدلائل.

ونقول أيضا: هو غسل لأمر مستقبل لم يتقدم سببه فوجب أن يكون غير واجب، أصله الغسل للحج؛ لأن الغسل الواجب هو ما تقدم سببه.


= لكن حكى الطبري عن قوم أنهم قالوا بوجوبه، ولم يقولوا إنه شرط، بل هو واجب مستقل تصح الصلاة بدونه، كأن أصله قصد التنظيف وإزالة الروائح الكريهة التي يتأذى بها الحاضرون من الملائكة والناس، وهو موافق لقول من قال: يحرم أكل الثوم على من قصد الصلاة في الجماعة، ويرد عليهم أنه يلزم من ذلك تأثيم عثمان، والجواب أنه كان معذورا لأنه إنما تركه ذاهلا عن الوقت، مع أنه يحتمل أن يكون قد اغتسل في أول النهار لما ثبت في صحيح مسلم عن حمران أن عثمان لم يكن يمضي عليه يوم حتى يفيض عليه الماء، وإنما لم يعتذر بذلك لعمر كما اعتذر عن التأخر لأنه لم يتصل غسله بذهابه إلى الجمعة كما هو الأفضل، وعن بعض الحنابلة التفصيل بين ذي النظافة وغيره، فيجب على الثاني دون الأول نظرا إلى العلة. أفاده ابن حجر في الفتح (٣/ ٣٧٣).
(١) قال الأزهري والخطابي: قال الأصمعي: معناه: فبالسنة أخذ، ونعمت السنة، قال الخطابي: ونعمت الخصلة، أو نعمت الفعلة، أو نحو ذلك، قال: وإنما ظهرت تاء التأنيث لإضمار السنة أو الخصلة أو الفعلة. وحكى الهروي في الغريبين عن الأصمعي ما سبق، ثم قال: وسمعت الفقيه أبا حاتم الشاركي يقول: معناه: فبالرخصة أخذ لأن السنة يوم الجمعة الغسل. وقال صاحب الشامل: فبالفريضة أخذ، ولعل الأصمعي أراد بقوله "فبالسنة": أي فيما جوزته السنة. المجموع (٥/ ٧٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>