بقوله: ﴿حتى يطهرن﴾ ثم لم يتجرد قوله تعالى: ﴿حتى يطهرن﴾ فخفف من القراءة الأخرى بالتثقيل، ومعناها غير معنى المخففة، وإنما المثقلة للاغتسال، فينبغي أن يجمعا بين قوله: ﴿يطهرن﴾ و ﴿يطّهرن﴾، فلا يجوز الوطء إلا بعدهما جميعا، لعلة قوله: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾، وهذا كقوله تعالى: ﴿فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ (١) يقتضي عقد النكاح، ثم أضيف إلى العقد الوطء بالدلالة من السنة، فإضافة الغسل إلى انقطاع الدم أولى بالدليل المتصل به من القرآن، وهو قوله تعالى: ﴿فإذا تطهرن﴾.
فإن قيل: ما قلناه أولى؛ لأنه يفيد حكمين في حالين مختلفين.
قيل: حكمهما على ما قلتم يتضاد؛ لأنه تعالى علق الشرطين في جميع ذوات الحيض إذا انقطع عنهن الدم في القراءتين جميعا، فاستعمال أحدهما فيهن جميعا ينفي الشرط الآخر فيهن.
فإن قيل: تحمل القراءة الخفيفة فيهن جميعا على الجواز، والثقيلة على الاستحباب، وهو أن يكون الوطء بعد الغسل.
قيل: إنما يجوز ذلك لو تجردت القراءتان من قوله تعالى: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ﴾، فأما وقد جعل شرط الإباحة هو الاغتسال بقوله: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ﴾ فلا يجوز أن يحمل على غير الوجوب.
ويجوز أن نقول: إن بقاء حكم حدث الحيض يمنع من وطئها حتى تغتسل، كما إذا انقطع دمها قبل العشر ولما تغتسل، ولم يمر عليها وقت صلاة.