للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبطل أيضا أن يجمع الأكثرَين؛ لأنه ليس لأكثر الطهر حد، فهما يزيدان عن الشهر.

ويبطل أيضا أن يجمع أكثر الطهر وأقل الحيض لما ذكرناه في أكثر الطهر.

فإذا بطلت هذه الأقسام لم يبق إلا أنه يجمع أكثر الحيض وأقل الطهر، فإذا كان أقل الطهر خمسة عشر يوما ثبت أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما.

وإن عبرنا عن الترجيح بعبارة أخرى أخصر من ذلك قلنا: إن الشهر في الحكم يجمع طهرا وحيضا، فحصل ظرفا لهما، فوجب أن يحوي أقصى أحد النوعين وأدنى الآخر، ثم قد حصل الاتفاق على أن أقل الطهر خمسة عشر يوما (١)، فوجب أن يكون أكثر الحيض خمسة عشر يوما ليتم بها الشهر، كما أن ثلاثين شهرا حوت مدة الفصال والحمل، وجعلت ظرفا لهما، ثم كان


(١) قال ابن عبد البر: "وأما اختلافهم في أقل الطهر فإن مالك وأصحابه اضطربوا في ذلك، فروي عن ابن القاسم عشرة أيام، وروي عنه ثمانية أيام، وهو قول سحنون، وقال عبد الملك بن الماجشون أقل الطهر خمسة أيام، ورواه عن مالك، وقال محمد بن مسلمة: أقل الطهر خمسة عشر يوما، وهو قول أبي حنيفة والثوري والشافعي، قال الشافعي: إلا أن يعلم طهر امرأة أقل من خمسة عشر فيكون القول قولها، وحكى ابن أبي عمران عن يحيى بن أكثم: أن أقل الطهر تسعة عشر، واحتج بأن الله جعل عدل كل حيضة وطهر شهرا، والحيض في العادة أقل من الطهر، فلم يجز أن يكون الحيض خمسة عشر يوما، ووجب أن يكون عشرة حيضا، وباقي الشهر طهرا، وهو تسعة عشر، لأن الشهر قد يكون تسعا وعشرين .. وقال أحمد وإسحاق: لا تحديد في ذلك، وأنكرا على من وقتا في ذلك خمسة عشر يوما، وقالا: باطل". التمهيد (٣/ ٥٥٧ - ٥٥٨).
وهذا كله يرد ما نقله المصنف من الاتفاق على خمسة عشر يوما. خمسة عشر يوما، إلا إن كان قصده الاتفاق مع أبي حنيفة والشافعي فمسلم، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>