ثم حاضت عقيب الوطء فإنها تترك الصلاة ويحرم وطؤها، فلو أتت بعد ذلك بولد لستة أشهر من يوم العقد للحق نسبه بالاتفاق، فعلمنا بهذا أنها حاضت على الحمل.
وكذلك لو عقد عليها حائضا ثم أتت بولد لستة أشهر من يوم العقد للحق به، فثبت أن الحمل طرأ على الحيض، فإذا كان الحيض لا ينافي الحمل فكذلك الحمل لا ينافيه.
فإن قيل: فإن الحمل يضاد الحيض، لإجماع الأمة أن المرأة إذا طلقت وهي من ذوات الأقراء فتكرر الحيض منها انقضت عدتها به، وعلم فراغ رحمها، فلو كان الحيض يوجد مع الحمل ما كان وجوده دليلا على البراءة لجواز أن تكون حاملا مع وجوده، يدل على ذلك قوله ﵇:"لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض"(١).
فجعل علامة براءة الرحم الحائل وجود الحيض، وبراءة رحم الحامل الوضع.
قيل: هذا هو الدليل على جواز وجود الحيض مع الحمل؛ لأن براءة رحم الحائض بالأقراء إنما هو عام ظاهر، وغلبة ظن، لا يقين وإحاطة علم، ولو كان يقينا لاقتصر على قرء واحد، ألا ترى أن وضع الحمل من حيث
(١) أخرجه أبو داود (٢١٥٦) وأحمد (٣/ ٦٢) وصححه الحاكم على شرط مسلم (٢/ ٢٤٣) وأعله ابن القطان بشريك بن عبد الله وهو مختلف فيه، وهو مدلس، وتعقبه ابن الملقن في البدر (٣/ ١٤٣) فقال: وثقه ابن معين وغيره، وأخرج له مسلم متابعة. قال: وله شاهد من حديث ابن عباس رواه الدارقطني (٣/ ٢٥٧) .. وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة لكن بإسناد ضعيف البدر المنير (٣/ ١٤٣ - ١٤٤).