للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدلالة على براءة الرحم، فلو بطل كون أحدهما دليلا؛ لأنه قد يخلف في حال ما بطل الثاني؛ لأنه قد يخلف في حال ما، والله أعلم.

وفيه إجماع الصحابة؛ لأنه أن روي رجلين تنازعا ولدا، فترافعا إلى عمر، فعرضه على القافة (١)، فألحقه القائف بهما، فعلاه عمر بالدِّرة (٢)، وسأل نسوة من قريش، وقال: أبصرن ما شأن هذا الولد. فقلن: إن الأول خلا بها وخلاها، فحاضت على الحمل، فاستحشف (٣) الولد، فظنت أن عدتها انقضت، فدخل بها الثاني فانتعش المولود بماء الثاني. فقال: الله أكبر، وألحقه بالأول" (٤).


(١) القافة جمع قائف، قال في النهاية (٧٧٧): "الذي يتتبع الآثار ويعرفها، ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه، والجمع قافة، يقال: فلان يقوف الأثر ويقتافه قيافة، مثل: قفا الأثر واقتفاه".
(٢) الدرة بالكسر: التي يضرب بها. الصحاح (درر).
(٣) في الموطأ: "فحش"، "ومعنى حش: يبس، يقال: حش النبت فهو حشيش وحاش: إذا يبس، وألقت الناقة ولدًا حشيشًا، وقال صاحب العين: حش الولد في البطن إذا يبس، والمرأة محِشٌّ". الاقتضاب في غريب الموطأ وإعرابه على الأبواب (٢/ ٢٥٤ - ٢٥٥). وانظر أيضًا النهاية (٢١٠).
(٤) هذان أثران لفق المصنف بينهما، وكلاهما أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الأقضية، باب القضاء بإلحاق الولد بأبيه (٢١ - ٢٢) أما الأول فما رواه عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن أبي أمية: أن امرأة هلك عنها زوجها، فاعتدت أربعة أشهر وعشرا، ثم تزوجت حين حلت فمكثت عند زوجها أربعة أشهر ونصف شهر، ثم ولدت ولدًا تامًّا، فجاء زوجها إلى عمر بن الخطاب، فذكر ذلك له، فدعا عمر نسوة من نساء الجاهلية قدماء، فسألهن عن ذلك، فقالت امرأة منهن: أنا أخبرك عن هذه المرأة، هلك عنها زوجها حين حملت منه، فأهريقت عليه الدماء، فحش ولدها في بطنها، فلما أصابها زوجها الذي نكحها، وأصاب الولد الماء تحرك الولد في بطنها، فصدقها عمر بن الخطاب وفرق بينهما، وقال عمر: أما إنه لم يبلغني عنكما إلا خير، وألحق الولد بالأول. =

<<  <  ج: ص:  >  >>