للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها أو أكثر.

قيل: للحديث الذي ذكرناه، وللنظر أيضًا، وهو أنها تميز بين الحيض وبين دم الاستحاضة بالثلاثة؛ لأنه شيء خارج من البدن معتاد ونادر أشكل أمره، كما أن في اللبن معتادًا ونادرًا، فلما أشكل أمره في المصراة جعل النبي فيه الزمان الذي يتوصل به إلى الفصل بين اللبنين ثلاثة أيام (١)، فوجب أن يكون هذا القدر فاصلًا بين الدمين (٢).

وهذا القول إنما هو اختيار واستحسان.

والحديث الصحيح المتفق عليه الذي يعمل عليه مالك والذي يذهب إليه غير هذين الحديثين، وهو ما رواه مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت: يا رسول الله! إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال النبي : "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي" (٣).

على هذا يعتمد أنها إذا ميزت عملت على إقبال الدم وإدباره، سواء كان ذلك قبل تقضي مدة أكثر الحيض أو بعد ذلك، فإن لم تميز فهي قبل تقضي أكثره تقعد إلى أكثره، وبعد ذلك تصلي أبدا حتى ترى دمًا لا تشك فيه، فتعمل على إقباله وإدباره، والله الموفق.


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٤٤٦ - ٤٤٧).
(٢) وفي هذا المعنى نظر لأن الاحتياط إنما يجب أن يكون في عمل الصلاة لا في تركها. التمهيد (٣/ ٥٦٨).
(٣) تقدم تخريجه (٣/ ٤٩٣)، وهو عند مالك في الموطأ، كتاب الطهارة، باب المستحاضة (١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>