للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأقوى الطرق في إثباته ما ذكرناه من عمل أهل المدينة، ونقلهم خلفهم عن سلفهم حروف الأذان والإقامة الذي لا تثبت له أخبار الآحاد، ولا يسوغ معه الاجتهاد، ووافقهم نقل أهل الحجاز وعملُهم أيضًا (١).

ومن جهة الأخبار ما روي عن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، أن عبد الله بن محيريز أخبره - وقد كان يتيمًا في حجر أبي محذورة - حين جهزه إلى الشام، قال: فقلت لأبي محذورة: أي عم! إني خارج إلى الشام، وإني أخشى أن أُسأل عن مآذينك، فأخبرني أبو محذورة قال: "خرجت في بعض نفر فكنا في بعض طريق حنين، فقفل رسول الله من حنين، فلقينا في بعض الطريق، فأذن مؤذن رسول الله ، فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون، فصرخنا نحكيه ونستهزئ به، فسمع النبي الصوت، فأرسل إلينا، إلى أن وقفنا بين يديه، فقال رسول الله : أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ فأشار القوم كلهم إليّ، وصدقوا، فأرسل القوم كلهم وحبسني، فقال: قم فأذن بالصلاة، فقمت ولا شيء أكره إلي من النبي ، ولا مما يأمرني به، فقمت بين يديه ، فألقى علي التأذين هو نفسه، فقال لي: قل: "الله أكبر، الله أكبر"، وذكر التشهدين، ثم قال لي: ارجع وامدد صوتك (٢)، فذكر ترجيع الشهادتين، ثم دعاني حين قضيت التأذين، فأعطاني


= أبي حنيفة انظر المغني (١/ ٥٤٧ - ٥٤٨).
(١) انظر المجموع (٤/ ١٦٠).
(٢) تنبيهان: الأول: قال بعض الحنفية بأن الذي منعه من رفع صوته هو حياؤه من المشركين قومه، فأمره النبي بأن يعيدها ويرفع بها صوته لبيان أنه لا حياء في الحق .. انظر شرح فتح القدير (١/ ٢٤٥) ولا يخفى ما فيه.
الثاني: وقع في بعض روايات حديث أبي محذورة عند النسائي (٦٢٩) "أشهد أن لا إله إلا الله" =

<<  <  ج: ص:  >  >>