للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: هذا تأويل ساقط من وجوه:

أحدها: أنه ذكر أن جبريل جاءه حين زالت الشمس، ولم يقل في أي زمان (٢٨٦) كان، وقد تزول الشمس في وقت يكون فيه فيء الشمس مثله وأكثر، فقوله: "جاءني في اليوم الثاني حين صار ظل الشيء مثله"؛ لا يصح مع قوله أيضًا: "ما بين هذين وقت" (١)، فلو كان كما ذكرتم؛ لكان يبينه إن كان في زمان لا يكون للشخص ظل عند الزوال.

وأيضًا فإن أصل المواقيت هو هذا الخبر، ولم يجئ جبريل إلى النبي يومين غير هذين اليومين.

والصحابة وسائر من بعدهم لم يعقلوا من قوله: "ظل الشيء مثله ومثليه" إلا من حين الزوال، ولم يعتبر واحد القدر الذي زالت عليه الشمس؛ لأنه يختلف باختلاف الأزمان، وإذا كانت القصة واحدة والحال واحدة، وأنتم تقولون: فراغه من صلاة الظهر حين صار ظل الشيء مثله، وهو بعد القدر الذي زالت عليه الشمس؛ فكيف يحمل الأمر على ما ذكرتم، وقد أجمع المسلمون على أن المراد من الخبر اعتبار للظل بمثله ومثليه بعد الفيء الذي تزول عليه الشمس، فسقط ما ذكرتموه.

وقد روي أن النبي قال: "لا يخرج وقت صلاة حتى يدخل وقت أخرى" (٢).

فدل على أنه إذا دخل وقت العصر؛ فإنما يدخل على وقت الظهر.


(١) تقدم تخريجه (٤/ ٧٦).
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>