للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشفق يصلح للحمرة، ويصلح للبياض الذي بعد الحمرة (١)، فلو أراد البياض؛ لقال: حين غاب الشفقان، أو قال حين غاب الشفق الثاني، كما أن الفجر فجران: الأول والثاني، فلما اختلف حكمهما؛ بيّن فقال: "لا يمنعكم الفجر المستطيل" (٢).

فأعلمنا أن الحكم لا يتعلق بالأول، وإنما يتعلق بالآخر، فلو اختلف الحكم في الشفقين؛ لبيّن أن الحكم يتعلق بأحدهما كالفجر.

فإن قيل: فلو أراد الأول على ما نقوله؛ لبينه.

قيل: ليس يشكل على مذهبنا فنحتاج إلى البيان، لأن الاسم إذا أطلق وهو يصلح لشيئين؛ تعلق الحكم بأولهما (٣).

ثم مع هذا فنحن نقول: إن صلى إذا غابت الحمرة؛ جاز، وهو وقت الاختيار، وإن صلى إذا غاب البياض؛ جاز وهو وقت الاختيار إذ كان يغيب في ثلث الليل، فإذا غاب أي شفق كان؛ جازت الصلاة فيه، وكان مختارًا، وأنتم تقولون: الحكم تعلق بالشفق الثاني دون الأول، فكان ينبغي أن يكون مبينًا حتى يصح مذهبكم.

فإن قيل: فقد روي في بعض الأخبار من طريق جابر في خبر المواقيت: "أنه صلى المغرب حين حل فطر الصائم، والعشاء الآخرة قبل غيبوبة الشفق" (٤).


(١) انظر مجموع الفتاوى (٢٢/ ٩٣ - ٩٤).
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٣٩).
(٣) انظر أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ٣٦٩) والقبس (٢/ ٢٠٨) الحاوي الكبير (٢/ ٢٣).
(٤) قال البيهقي: والذي رواه سليمان بن موسى، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر، عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>