للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: إن صحت حكاية الخليل وأن البياض لا يغيب؛ سقط سؤالهم، وإن صح أنه يغيب؛ فإنها دعوى، ثم إذا صح؛ يجب ما ذكرتموه.

على أنه من قياس الضد، وهم لا يقولون به.

على أننا قد جعلنا هذا بعينه دليلًا، وهو أن صلاة الفجر لما تعلقت بشفقين، ثم كان الموجب لها أولهما؛ كذلك عشاء الآخرة ينبغي أن يكون الموجب لها أولهما.

وأيضًا فلما وجبت صلاة الفجر بالفجر الثاني - وهو الذي يلي الشمس وأقرب إليها من الأول -؛ كذلك عشاء الآخرة، فينبغي أن يجب بالسقوط الذي يلي الشمس، وهو أقرب إليها من البياض.

وهكذا نقول أيضًا: لما لم يجب الصبح إلا بأوسط الطوالع؛ وجب أن لا تجب عشاء الآخرة إلا بأوسط الغوارب (١).

فإن قيل: قد وجدنا الحمرة والبياض دليلين على بقاء الشمس، فوجب أن يكونا بمنزلة سواء، فلما لم يجز أن تصلى مع وجود الحمرة؛ كذلك لا يجوز فعلها مع البياض؛ لأنه دال على قرب الشمس.

قيل: هذا كما ذكرتم، ولكن ما الذي يمنع من وقوع الصلاة في البياض.

ثم قد حررنا قياسًا فقلنا: لم نمتنع نحن وأنتم أن توقع صلاة العشاء قبل الفجر الثاني وهو قريب من الشمس، كذلك إذا غابت الحمرة، ولما كانت الفجر واجبة بأول الصفرتين؛ كذلك عشاء الآخرة بأول الشفقين.


(١) انظر الإشراف (١/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>