للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضًا فإن النبي جعله مدركًا بزمان ممتد تصلى في مثله ركعة، وهذا يجري مجرى المقادير والحدود التي لا مدخل لغير [التوقيف] (١) فيها.

وأيضًا فإن الأصل براءة الذمة، فلا نعلق عليها شيئًا إلا بدلالة.

فإن قيل: فإن النبي قال: "ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا" (٢).

وهذا عام فيما أدركنا، سواء كان مقدار تكبيرة الإحرام، أو أقل، أو أكثر.

قيل: هذا إنما ورد فيمن يأتي على صلاة بعينها قد تقدم وجوبها عليه، ألا تراه قال: "إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون، وعليكم


= الشمس فقد أدرك العصر"، فإنه فهم من السجدة هاهنا جزءًا من الركعة، ذلك على قوله الذي قال فيه: "من أدرك منهم التكبيرة قبل الغروب أو الطلوع فقد أدرك الوقت"، ومالك يري أن الحائض إنما تعتد بهذا الوقت بعد الفراغ من طهرها، وكذلك الصبي يبلغ، وأما الكافر يسلم؛ فيعتد له بوقت الإسلام دون الفراغ من الطهر، وفيه خلاف … بداية المجتهد (٢/ ١٣٦).
(١) بالأصل: التوقيت، والصواب ما أثبته.
(٢) أخرجه البخاري (٦٣٦) ومسلم (٦٠٢/ ١٥٢) بلفظ: "فأتموا"، ورواه أحمد (٢/ ٤٦٠) بلفظ المصنف.
قال الحافظ: "والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ: "فأتموا"، وأقلها بلفظ: "فاقضوا"، وإنما تظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين الإتمام والقضاء مغايرة، لكن إذا كان مخرج الحديث واحدًا، واختلف في لفظة منه، وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد؛ كان أولى، وهنا كذلك؛ لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائت غالبًا لكنه يطلق على الأداء أيضًا، ويرد بمعنى الفراغ كقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا﴾، ويرد بمعان أخر، فيحمل قوله: "فاقضوا" على معنى الأداء أو الفراغ، فلا يغاير قوله: "فأتموا"، فلا حجة فيه لمن تمسك برواية: "فاقضوا" على أن ما أدركه المأموم هو آخر صلاته حتى استحب له الجهر في الركعتين الأخيرتين .. ". الفتح (٢/ ٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>