للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استقبال ضد القبلة في صلاة التطوع مع القدرة (١)، وفي الفروض في مواضع (٢)، ولا يجوز في حكم الحوادث الحاصل من جهة الاجتهاد العدول عنه، فبان أن إجماعهم في حكم القبلة مخالف لحكم إجماعهم في الحوادث.

وأيضًا فإن حكم ما أجمعوا عليه من أمر القبلة إذا جاز أن يسقط حكمه مع العلم به؛ فلأن يسقط في حال اجتهاده واشتباه الأمر عليه أولى.

فإن قيل: أفليس لو اجتهد فصلى في ثوب نجس وعنده أنه طاهر، ثم بان له أنه نجس؛ فإنه يعيد الصلاة.

قيل: الأمر فيهما واحد، يعيد الصلاة ما دام الوقت باقيًا استحبابًا.

ثم لو قلنا: إن إزالة الأنجاس فرض؛ لما لزم هذا السؤال (٣)؛ لأن نجاسة الثوب تعلم بيقين، فقد عاد من اجتهاد إلى يقين، وعين القبلة مع الغيبة لا تعلم بيقين، ألا ترى أن أحدًا لا يتحقق أنه محاذ لها غير زائل عنها في حال الغيبة، فبان أنه يرجع ذلك من اجتهاد إلى اجتهاد.

ويجوز أن نقيس ذلك عليه إذا كان قد تيامن وتياسر عن القبلة باجتهاد، فإنه لا يجب عليه الإعادة، والمعنى في ذلك أنه صلى إلى جهة يجوز له أن يصلي إليها في حال السفر راكبًا إذا لم يقدر على غير ذلك، وكذلك في المسايفة (٤) لوجود العذر، فكذلك من أخطأ القبلة. وبالله التوفيق.


(١) تقدمت الدلالة على هذا من حديث ابن عمر (٤/ ١٩٦).
(٢) من ذلك صلاة الخوف كما سيشير فيما بعد.
(٣) تقدمت هذه المسألة في كتاب الطهارة (٢/ ٢٥١).
(٤) أي في حال القتال.

<<  <  ج: ص:  >  >>