للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو متوجه إلى عين الشمس، والقمر، والكوكب، فإن انحرف عنه يسيرًا؛ لم يضر.

ويدل على ذلك أيضًا أن قوله تعالى: ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ خطاب للنبي ، وأصحابه ، ولسائر الناس في حال غيبتهم من مكة، فلو كان الوجوب معلقًا بالجهة؛ لقال: "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم جهته"، فلما قال: "شطره" أي نحوه؛ علمنا أنه لم يرد الجهة.

فإن قيل: فإن الأمة قد أجمعت على الجهة، فثبت حكمها بإجماع، فمن أخطأ في الاجتهاد؛ فقد رجع من اجتهاد إلى إجماع يسقط معه حكم الاجتهاد.

قيل: فإن إجماعهم على الجهة مرجوع أيضًا إلى اجتهاد، فقد عاد من اجتهاد إلى اجتهاد، وليس كذلك الإجماع في حكم من أحكام الحوادث من جهة اجتهاد؛ لأن مرجع ذلك الإجماع إلى نص مقطوع عليه (١)، فمتى أجمعوا عليه؛ جرى مجرى النص في حكمه، فيبين ذلك أنه لو صلى عن يمين القبلة أو يسارها؛ أجزأه، وإن تيقن أنه قد أخطأ.

ولا يجوز العدول فيما وقع عليه الإجماع في حكم الحادثة، ويجوز


= الصف الذي يلي الكعبة، ولكن مع هذا فلا بد من التقوس والانحناء في البعد إذا كان المقصود أن يكون بينه وبينها خط مستقيم بحيث لو مشى إليه لوصل إليها، لكن يكون التقوس شيئًا يسيرًا جدًّا، كما قيل: إنه إذا قدر الصف ميلًا وهو مثلًا في الشام؛ كان الانحناء من كل واحد بقدر شعيرة، فإن هذا ذكره بعض من نص على وجوب استقبال العين، وقال: إن مثل هذا التقوس اليسير يعفى عنه، فيقال له: فهذا معنى قولنا: إن الواجب استقبال الجهة، وهو العفو عن وجوب تحري مثل هذا التقوس والانحناء". قاله شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٢٢/ ٢١٠).
(١) انظر شرح التنقيح (٣٢٧ - ٣٢٨) نثر الورود (٢٨٦ - ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>