للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: كيف يصح هذا ونحن نعلم أن الصف الطويل الذي طوله أضعاف طول الكعبة يصلون، هاهنا وليس في سمت الكعبة منهم إلا من كان في طولها، فنعلم أن ما زاد على ذلك متصل على الجهة الخارجة عن سمت الكعبة.

قيل: هذا إنما يكون عند المعاينة لقربها من الناظرين، وأما مع التباعد؛ فلا يمتنع أن يكونوا بأجمعهم في سمتها، ألا ترى أن هذا الصف الطويل يشاهد عين الشمس، أو القمر، أو الكوكب إذا كان مقابلًا، وكل واحد منهم يرى أنه مقابله لبعده، فكذلك عين الكعبة يعتقد كل واحد منهم أنه متوجه إليها (١)، كما


= ومتفقون على أنه كلما قرب المصلون إليه كان صفهم أقصر من البعيدين هنا، وهذا شأن كل ما يستقبل .. فصار النزاع لفظيًّا لا حقيقة له". انظر بقية كلامه فإنه في مهم. مجموع الفتاوى (٢٢/ ٢٠٦ - ٢١٦).
وقال ابن عبد السلام شيخ ابن دقيق العيد فيما نقله عنه خليل في التوضيح (١/ ٣٢٠): "الشيء قد يجب إيجاب الوسائل، وقد يجب إيجاب المقاصد والأول كالنظر في المياه؛ فإنه يتوصل به إلى معرفة الطهورية، وكالسعي إلى الجمعة، والوضوء للصلاة، والثاني كالأولَين والصلوات الخمس، وصوم رمضان، والحج، والعمرة.
وإذا تقررت هذه القاعدة؛ فاختلف الناس في الجهة؛ هل هي واجبة وجوب الوسائل؟ وأن النظر فيها إنما هو لتحصيل عين الكعبة، وهو مذهب الشافعي، فإذا أخطأ في الجهة وجبت الإعادة؛ لأن القاعدة أيضًا أن الوسيلة إذا لم يحصل مقصدها؛ يسقط اعتبارها، أو النظر في الجهة واجب وجوب المقاصد، وأن الكعبة لما بعدت عن الأبصار؛ جعل الشرع الاجتهاد في الجهة هو الواجب، وهو المقصود دون عين الكعبة، فإذا اجتهد ثم أخطأ لا يجب عليه الإعادة، وهو مذهب مالك، وعلى هذا فقول العلماء هل الواجب الجهة أو السمت؛ يتضمن قيدًا لطيفًا، أي: هل الواجب وجوب المقاصد السمت أو الجهة؟ قولان، وإنما أطلت في هذا المحل لأنه يشكل على كثير من الناس".
(١) "لا ريب أنه ليس الانحناء والتقوس في البعد بقدر الانحناء والتقوس في القرب، بل كلما زاد البعد قل الانحناء، وكلما قرب كثر الانحناء، حتى يكون أعظم الناس انحناء وتقوسًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>