للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك حكم المعاين لها والغائب عنها، كما لا يختلف في جميع شروط الصلاة، هذا عندي هو الصحيح (١).

وكان الشيخ يقول: المطلوب مع الغيبة عن الكعبة الجهة لا عين الكعبة، ولكن الجهة باجتهاد (٢).

وأنا أقول: إذا كان كل واحد من الناس الغائبين مجتهدًا في طلب الجهة يصلي وعنده أنها هي الجهة؛ فطلب عين الكعبة بالاجتهاد في طلب الجهة أيضًا أولى (٣) لما قلته من الجمع بين المعاين و [الغائب] (٤)، ألا ترى أن مع المعاينة لا تجوز الصلاة إلى الجهة وهي خارجة عن سمت البيت، وإنما يدور الناس حولها، فينبغي أن يكون المطلوب بالاجتهاد سمت الكعبة (٥).


(١) انظر في الرد عليه التوضيح لخليل (١/ ٣١٨ - ٣١٩).
(٢) انظر الإشراف (١/ ٢٤٠).
(٣) قال ابن رشد: "والذي أقول: إنه لو كان واجبًا قصد العين؛ لكان حرجًا، وقد قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ فإن إصابة العين شيء لا يدرك إلا بتقريب وتسامح بطريق الهندسة، واستعمال الأرصاد في ذلك، فكيف بغير ذلك من طرق الاجتهاد، ونحن لم نكلف الاجتهاد فيه بطريق الهندسة المبني على الإرصاد المستنبط منها طول البلاد وعرضها". بداية المجتهد (٢/ ١٧٦).
(٤) في الأصل: الغالب، وهو خطأ.
(٥) ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن النزاع في الواجب من استقبال القبلة لا حقيقة له، وأنه نزاع لفظي، فقال: "لا نزاع بين العلماء في الواجب من استقبال القبلة، والنزاع بين القائلين بالجهة والعين لا حقيقة له … وقد تأملت نصوص أحمد في هذا الباب فوجدتها متفقة لا اختلاف فيها، وكذلك يذكر الاختلاف في مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي، وهو عند التحقيق ليس بخلاف؛ بل من قال: يجتهد أن يصلي إلى عين الكعبة أو فرضه استقبال عين الكعبة بحسب اجتهاده؛ فقد أصاب، ومن قال: يجتهد أن يصلي إلى جهة الكعبة أو فرضه استقبال القبلة؛ فقد أصاب، وذلك أنهم متفقون على أن من شاهد الكعبة فإنه يصلي إليها، =

<<  <  ج: ص:  >  >>