يعلم بها، فما يلزمه من الإعادة إذا علم فرض ثان، فلا يجب إلا بدلالة.
فإن قيل: فإن المجتهد في هذا الموضع منسوب إلى التفريط.
قيل: متى لم يعلم بالخطأ؛ كان فرضه التوجه إلى تلك الجهة، ولو لم يفعل؛ كان عاصيًا، ولا جائز أن يكون مأمورًا بالتوجه إلى تلك الجهة مع التفريط، فسقط هذا.
وقد قلنا: إن موضع القبلة عند الغيبة عن الكعبة على الاجتهاد، الدليل على ذلك أنه لا يعلم حقيقة التوجه إلى عين البيت، وإنما يعلم من غلبة الظن بمهب الرياح وتسيير النجوم، ومتى كان ذلك فمتى أخطأ في اجتهاده؛ فإنما يرجع من اجتهاد إلى اجتهاد، فلا يرتفع حكم الاجتهاد الأول، كالحاكم باجتهاد، ثم يتبين له اجتهاد آخر خلاف الأول، فلا يجوز له فسخ الأول على ما يقوله حذاق أصحابنا (١).
ويبين ما نقوله الإجماع على جواز صلاة أهل الآفاق، ومعلوم أن كل واحد منهم غير محاذ للكعبة، وإنما يحصل ذلك من الأقل منهم، وقد جازت صلاتهم لوقوع جميع ذلك باجتهاد.
فإن قيل: فإن فرض التوجه في حال عدم المعاينة للكعبة يتعلق بالجهة دون سمت البيت.
قيل: إن المأمور به لو كان استقبال (٣٠٤) الجهة؛ لما جاز أن يختلف