للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: إنه ذكر أن جماعتهم اختلفوا في الجهات، ولا يكادون يجمعون في النوافل، لأن نزوله على سبب لا يوجب أن يكون مقصورًا عليه (١) على ما حكيناه في الأصول عن إسماعيل بن إسحاق القاضي ، فالواجب حمله على عمومه في كل صلاة (٢).

وأيضًا فإن الغائب عن القبلة يصلي إلى الجهة باجتهاده، ولا يتوصل إلى العلم بها في حال اشتباهها عليه، فوجب أن يسقط عنه فرضه.

الدليل على ذلك أن أهل قباء صلوا إلى غير جهة القبلة بعض الصلاة (٣)، ثم لم يؤمروا بالإعادة؛ لأنهم لم يمكنهم الوصول إلى العلم بالجهة التي كانوا مأمورين بالصلاة إليها، كذلك مسألتنا.

فإن قيل: إن صلاة أهل قباء حصلت ولم يكن فرض الأصل استقبال الكعبة، فصار بمنزلة من صلى بغير طهور، ثم فرضت الطهارة، فلا تلزمه إعادتها، وإن كان لم يصل بطهارة بعد فرض الطهارة من غير علم؛ كان عليه أن يعيدها (٤).

قيل: إن الصلاة المفعولة مع عدم الطهارة والعلم صلاة صحيحة ما لم


(١) قارن ما هاهنا بما قرره في المقدمة من الأصول في الفقه (١/ ٣٠٦).
(٢) ولا يمتنع اتفاق هذه الأسباب، ونزول الآية على جميعها؛ لأنها لا تتنافى. التجريد (١/ ٤٥٥).
(٣) أخرجه البخاري (٤٠٣) ومسلم (٥٢٦/ ١٣).
(٤) قال ابن عبد البر: "وأما قول من رأى عليه الإعادة في الوقت وبعده قياسًا على من صلى بغير وضوء فليس بشيء؛ لأن هذا ليس بموضع اجتهاد في الوضوء إلا عند عدمه فإنه يؤمر بالاجتهاد في طلبه". التمهيد (٦/ ٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>