للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل لقولنا أن دخوله في الصلاة قبل البلوغ أحسن أحواله (٣٠٦) أن تكون تطوعًا، ونية التطوع لا تنوب عن الفرض، الدليل على ذلك: الكبير لو دخل في الصلاة بنية التطوع، ثم قلبها بعد أن مضى جزء من الصلاة؛ لم تنقلب إلى الفرض، فلما كان الصبي قبل البلوغ غير مخاطب، ولا هي فرض عليه؛ أشبه الكبير إذا دخل في الصلاة تطوعًا قبل الزوال ثم زالت الشمس وهو في التطوع، لم يجز صرفها إلى ما لزمه من الفرض.

ويجوز أن نقول: إن ما يفعله الصبي لا يخلو أن يكون فرضًا أو نفلًا، ولا يجوز أن يكون فرضًا؛ لامتناع أن يخاطب الصبي بالصلاة مع قول صاحب الشريعة : "رفع القلم عن ثلاثة"، فذكر الصبي (١).

وإن كان نفلًا؛ لم يسقط به الفرض الذي يتعلق به الوجوب، ألا ترى أن من تنفل بأربع ركعات لم يسقط بها عنه فرض الوقت.

وأيضًا فإنه لا يخلو اختلافنا في هذه المسألة أن يكون في وجوب فرض الوقت عليه، أو في أن الفرض يلزمه، وينوب عنه ما فعله قبل البلوغ.

فإن كان المخالف يقول بوجوب فرض الوقت عليه، وإنما يسقط عنه ما تقدم من صلاته؛ فإنه خطأ بيّن؛ لأن ما فعله [الصبي] (٢) أحسن أحواله أن يكون نفلًا، فلا يجوز أن ينوب عن الفرض، ولأنه لم يؤده بنية الفرض؛ لامتناع أن ينوي الفرض ولا فرض عليه، ومن أدى صلاته بنية النفل؛ لم ينفع عن فرضه.


(١) تقدم تخريجه (٤/ ١٧٦).
(٢) في الأصل: المصلي، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>