للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليل: قد ثبت أن النبي اقرأ بفاتحة الكتاب قبل الركوع، وجعل الركوع قبل السجود، وجعل السجود على الجبهة، وتشهد في آخر الصلاة (١)، فعلمنا أن المراد من ذلك أعيان تلك الأفعال والأقوال، فمن حيث لم يجز أن يسجد على الذقن، ولم يجز أن يسجد قبل الركوع، ولا يعدل عن فاتحة الكتاب إلى غيرها (٢)، كذلك لا يجوز أن يدخل بغير "الله أكبر"؛ لأنه خلاف ما فعل.

وأيضًا فقد اتفقنا على أنه لو قال في أول الأذان غير "الله أكبر"؛ لم يكن داخلًا فيه، فكذلك في الصلاة؛ بعلة أنها عبادة جعل أولها التكبير.

وهذا القياس قد ذكره بعض أصحابنا، ورأيت بعض العراقيين يقول: قد روي عن أبي حنيفة أنه يجوز في أول الأذان "الله أعظم"، و"الله أجل" (٣).

فإن قيل على هذا: ليس الأذان عبادة.

قيل: هذا خطأ، ولو جاز أن يقال لمسنونات الصلاة ليست عبادة؛ لكانت سائر سننها كذلك، ونحن نعلم أن الأذان سن للصلاة وإن كان قبلها.


= رسوله ولا في المتعارف في كلام الفصحاء إلا هكذا، فإطلاق لفظ التكبير ينصرف إليها دون غيرها، كما أن إطلاق لفظ التسمية ينصرف إلى قوله: "بسم الله" دون غيره، وهذا يدل على أن غيرها ليس مثلًا لها". أفاده ابن قدامة في المغني (٢/ ١١).
(١) ستأتي الأحاديث الدالة على هذا في المسائل الآتية.
(٢) هذا لا يلزم أبا حنيفة وأصحابه لما سيأتي أنهم يجيزون العدول عنها إلى غيرها.
(٣) قال في التجريد (١/ ٤٦٥): "ولا يلزم - على ما قلناه - الأذان؛ لأنه لا يختص بعبارة، ولو أذن بالفارسية والإعلام يقع به؛ جاز".
قلت: وهذا ينافي ما قاله الفندلاوي في تهذيب المسالك (١/ ٤٦٠) من أنه لا خلاف لو أن مؤذنًا افتتح الأذان بغير لفظ الله أكبر؛ لم يكن فيه داخلًا. فالخلاف موجود كما رأيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>