للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ (١).

فجعله مصليًّا بعد ذكره اسم الله، والذكر الذي تتعلق به الصلاة التكبير، فوجب اعتبار عموم اللفظ في جميع أسماء الله تعالى إلا ما قامت عليه الدلالة.

قيل: لا دلالة في هذا؛ لأنه قد ثبت عندنا أن الدخول في الصلاة من الصلاة، وقوله: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ قد فصل بين الذكر والصلاة، فدل على أن المراد غير التكبير، ومثل ذلك قوله: "لقيت زيدا فأعطيته"، ظاهره أن العطاء غير لقائه، وأنه بعده (٢)، ولو كان الظاهر يقتضي ما ذكروه؛ لكان عمومًا يدخل تحته كل ذكر، فبين النبي ما ذلك الذكر (٣٠٨) بقوله: "الله أكبر" (٣)، وبقوله للذي نقص من صلاته قل: "الله أكبر" (٤)، وبقوله: "تحريمها التكبير" (٥).

وأيضًا فإن الآية وردت في من تزكى وذكر اسم ربه فصلى، كيف الزكاة وكيف الصلاة؟ مأخوذ من الدلائل التي ذكرناها.

وأيضًا فإنه إخبار عمن تزكى وصلى، وهذا يقتضي صلاة شرعية، ونحن لا نسلم أن هذا صلى صلاة شرعية إلا على الوجه الذي ذكرناه؛ لأنه لو ذكر الله ربه، ولم يتوضأ، وصلى، أو أحدث في صلاته، أو تعمد ترك شيء من فروضها؛ لم يطلق عليه أنه صلى صلاة شرعية تقتضي صلاة شرعية، ونحن


(١) سورة الأعلى، الآيتان (١٤ - ١٥).
(٢) بنحو هذا أجاب ابن حزم في المحلى (٢/ ٢٦٣).
(٣) تقدم تخريجه (٤/ ٢١٤).
(٤) تقدم تخريجه (٤/ ٢١٥).
(٥) تقدم تخريجه (٤/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>