للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نسلم أن هذا صلى صلاة شرعية إلا على الوجه الذي دلت عليه الشريعة، فثبت أنه أراد تعالى بقوله: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ مدح من قد فعل الصلاة على ما أوجبته الشريعة.

فإن قيل: فقول النبي : "تحريمها التكبير" (١)، والتكبير والتعظيم يعبر بهما عن معنى واحد، ألا ترى أن من رأى غيره يكبر الله؛ جاز أن يقول: رأيت فلانًا يعظم الله، وكذلك من رآه يعظمه.

قيل: ينبغي أن يتبع اللفظ الذي ورد على صاحب الشريعة لا المعاني؛ لأن للفظ معنى يختصه هو به أخص من غيره، وذلك أن كل من كبر الله تعالى فقد عظمه، وليس كل من عظمه فقد كبره، الذي يدل على ذلك أننا إذا عظمنا رئيسًا من الناس بالإكرام والتبجيل، ورفعنا محله؛ قيل: قد عظم، ولا يقال: قد كبر، وإذا قيل: رجل كبير من الناس؛ لم يعقل منه: عظيم من الناس، وقد يقال: كبير المحل، وعظيم المحل، فيشتركان في موضع، ويختص كل لفظ بمعنى يخصه دون صاحبه في موضوعه، وليس يعقل من إطلاق قوله : "تحريمها التكبير" (٢) تحريمها التعظيم؛ لأننا نعظم الصلاة بأفعال نفعلها من الخشوع، والقنوت، والصمت، والإصغاء، وغير ذلك، فنكون معظمين، ويقال: فلان يعظم الصلاة، ولا يقال: قد كبر الصلاة، فعلمنا بهذا أن للتكبير في الموضوع معنى يخصه.

هذا لو لم يرد عن النبي غير قوله: "تحريمها التكبير" (٣)، فكيف


(١) تقدم تخريجه (٤/ ٢١٦).
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٢١٦).
(٣) تقدم تخريجه (٤/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>