للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورد عنه التعليم بقوله: [قولوا] (١) "الله أكبر".

فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ (٢) أي عظمنه.

قيل: هذا صحيح، وليس معناه معنى كبر يكبر تكبيرًا؛ لأن "أكبرنه" حكاية عن فعل فعلنه، فيه تعظيم له، وكبر يكبر في موضع حكاية عن شيء صغير يصير كبيرًا بفعل يفعل، وتكون حكاية عن قول الإنسان: "الله أكبر"، ألا ترى أنه إذا قيل: "الإمام قد كبر للصلاة"؛ لم يعقل منه معنى أكبرها، وكذلك يقال: كبر على أضحيته، أو في أيام النحر، وعقيب الصلوات، لا يعقل منه أكثر (٣) ولا أعظم، فلكل لفظ هذه الألفاظ من معنى يخصه في إطلاقه وموضوعه.

فإن قيل: فقد روي أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾ (٤) قال النبي : "لا إله إلا الله" (٥).

فلولا أن ذلك يفيد معنى التكبير؛ لم يكن لذكره معنى، ألا ترى أن ظاهر فعله وقوعه على وجه الائتمار لما أمر به.

قيل: هذا لا يلزم؛ وذلك أننا لا نمنع أن يعقل أن المراد هذا بدلالة،


(١) كذا بالأصل، ولعل الصواب "قل" كما تقدم تخريجه من حديث رفاعة بن رافع.
(٢) سورة يوسف، الآية (٣١).
(٣) هكذا بالأصل، ولعل الصواب: أكبر.
(٤) سورة المدثر، الآية (٣).
(٥) لم أجده بهذا اللفظ، ولكن ذكر القرطبي في جامعه (١٠/ ٥٤) قال: "وفي التفسير أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾ قام رسول الله وقال: "الله أكبر"، فكبرت خديجة، وعلمت أنه الوحي من الله تعالى، ذكره القشيري".

<<  <  ج: ص:  >  >>