للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا موضع لم يكن النبي قد فرضت عليه الصلاة، فعقل أن المراد التوحيد، ألا تراه قال تعالى: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ فعقل أن المراد توحيد الله تعالى وهجران الصنم (١)، وليس إذا قامت الدلالة في موضع مّا؛ وجب أن يزول عن حقيقة الموضوع والإطلاق، ألا ترى أنه إذا قيل: قد كبر الإمام؛ لم يعقل منه أنه قال: لا إله إلا الله، وكذلك لم نعقل نحن ولا أنتم من قوله : "تحريمها التكبير" (٢) أي تحريمها التهليل، ولو دخل في الصلاة بقوله: "لا إله إلا الله"؛ لم يجزئه عندكم فيما أظن، بل أظن أنه يدخل في الصلاة بقوله "الله" عندكم (٣)، ونحن نعلم إذا قال: "اللهم اغفر لي"؛ فهو وإن كان دعاء لنفسه فقد عظم الله تعالى؛ لأنه لم يدْع غيره، وهو معتقد أنه لا يغفر الذنوب غيره، ومع هذا لا يجزئه من التكبير (٤).

فإن قيل: فإن التكبير ذكر من غير القرآن، جعل شرطًا في صحة الصلاة، فوجب أن لا يتعين، قياسًا على الخطبة.

قيل: الخطبة ليست من نفس الصلاة، والتكبير عندنا من نفس الصلاة (٥).


(١) انظر تفسير ابن جرير (١٠/ ٨٢٨٥) أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ٣٣٩).
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٢١٦).
(٣) عكس المؤلف القضية؛ إذ يجوز عندهم الأول دون الثاني. انظر الهداية مع شرحها (١/ ٢٨٨) وحاشية ابن عابدين (٢/ ١٥٧) بل أجاز القدوري في التجريد (١/ ٤٦٤) "اللهم" أيضًا، بل يجوز عندهم أيضًا "ملك يوم الحساب".
(٤) لأنه ليس بتعظيم محض، وإنما هو مسألة ودعاء. التجريد (١/ ٤٦٤).
(٥) ذهب الحنفية إلى أن التكبير ليس جزءًا من الصلاة، وإنما هو شرط من شروطها يتقدم عليه. والجمهور على أنه جزء منها، وركن من أركانها، مع اتفاقهم أنه لا بد أن يقع مقارنًا للصلاة لا مهلة بينهما. انظر الإشراف (١/ ٢٤٥) التجريد (١/ ٤٧٣) المغني (١/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>