للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: فإن هذا أقرب إلى الخشوع.

قيل: جعلهما كذلك من خلف أقرب إلى الخشوع والخضوع، ألا ترى أن القيام على فرد رجل أقرب إلى الخشوع، وليس بمستحب، والخشوع لله تعالى الإقبال عليه، والإخلاص في الصلاة، فأما بوضع يد على يد؛ فذلك عمل زائد ربما شغل، وربما دخله ضرب من الرياء (١).

وما روي أن النبي قال: "نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نعجل الفطر، ونؤخر السحور، ونضرب بأيماننا على شمائلنا" (٢).

يدل على أن الأنبياء خصوا بذلك (٣)، ولو أراد أن تفعل أمته ذلك؛ لقال: "وافعلوه"، ثم فعل هو ما خص به.

وما فعله عبد الله من وضعه يسراه على يمناه، فجعل النبي يمناه على يسراه (٤)؛ فإنه رآه قد فعل الجائز، ولكنه أراه أن الجائز صفته أن يكون هكذا في اختيار الجواز. والله أعلم.

فإن قيل: فقد روي عن علي أنه قال: "السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة" (٥).

قيل: معناه: من وضع يده على يده في الصلاة؛ فسنة ذلك أن تكون


(١) انظر التوضيح (٦/ ٦٤٠) لابن الملقن.
(٢) هو حديث عبد الكريم بن أبي المخارق المتقدم (٤/ ٢٦٢).
(٣) لكن إذا كان الأقرب إلى الخشوع تركه كما قدم كيف يؤمر بفعله الأنبياء وهم أخشع الناس لله.
(٤) تقدم تخريجه (٤/ ٢٥٢).
(٥) أخرجه أبو داود (٧٥٦) وأحمد (١/ ١١٠) وابن أبي شيبة (٣٩٦٢) وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الإفريقي، وهو ضعيف باتفاق كما قال النووي في المجموع (٤/ ٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>