للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اليد على اليد، ألا ترى أن النبي علم الأعرابي وغيره أمر الصلاة فلم يأمره بوضع اليد على اليد (١).

والقنوت الذي هو الدعاء ليس فيه موضع توضع فيه اليد على اليد، بل ينبغي أن يكون مرسلًا يديه لموضع الدعاء، وهو أنه عمل في الصلاة لا يحتاج إليه، ولا به ضرورة إليه.

وأيضًا فإنه موضع ذكر في الصلاة، فلم يستحب فيه وضع اليد على اليد، دليله: موضع التشهد، وبين السجدتين.

وأيضًا فإنه وضع يد على يد، فأشبه وضعهما من خلف ظهره.

على أن وضعهما من خلف ظهره إحداهما على الأخرى أشد في التواضع، الدليل على هذا قيام العبيد بين يدي الملوك، فإذا كان هذا مكروهًا في الصلاة - لأنه يفعل بجبابرة الدنيا، وقد نهينا في الدين أن نفعل مثل هذا في الصلاة -؛ فكذلك وضع اليد على اليد من قُدّام، وكما لا يضع يديه على خاصرتيه - لأنه من فعل الأعاجم لملوكها (٢) -؛ فكذلك هذا.


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٨). ولا يخفى عليك أن إيراد هذا الدليل هنا غير سديد؛ لما تقدم عن المصنف نفسه أن النبي إنما علم الأعرابي الواجبات دون المستحبات. ومعلوم أن الوضع من المستحبات لا من الواجبات باتفاق القائلين بمشروعيته. ولم يورد المصنف هاهنا ولا دليلًا واحدًا يدل على صحة هذه الرواية وأرجحيتها إلا مجرد معان لا تقاوم النصوص الواردة عن النبي وقد أورد المصنف طرفًا منها في بداية المسألة، وإذا صح الأثر بطل النظر، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل. وانظر "فتح الغفور في وضع الأيدي على الصدور" للشيخ محمد حماة السندي ص (١٩ - ٢٤) والتوضيح لابن الملقن (٦/ ٦٣٩).
(٢) يشير إلى حديث أبي هريرة: "نهى رسول الله أن يصلي الرجل مختصرًا". أخرجه البخاري (١٢١٩) ومسلم (٥٤٥)، وعند البخاري أن ذلك من فعل اليهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>