للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذا رواه عطاء بن يسار، عن أبي هريرة عنه (١).

وهذا يدل على أنه قبل التكبير؛ لأنهما قالا: كانا إذا قام إلى الصلاة قال ذلك، ولم يقولا بعد التكبير (٢)، وهذا كقول الله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ (٣).


= والذي أقول: إذا ثبتت السنة عن رسول الله ينبغي المصير إليها والعمل بها، وهذا عينه هو عين اتباع الأئمة ومنهم الإمام مالك الذي كان يقول : "إذا وجدتم قولي يخالف قول رسول الله فاضربوا به عرض الحائط". والإمام مالك وغيره من الأئمة معذور، فلعله لم يبلغه الحديث، أو كان له سبب آخر في عدم العمل به، فلا يجوز لمن علم ذلك بعده واطلع على ما ورد في ذلك أن يرد السنة، أو يلجأ إلى لي أعناقها بضرب من التأويلات البعيدة الفاسدة التي قد تؤدي إلى إحداث قول في العبادة لم يرد عن السلف الأخيار، ولا عن الأئمة المتبوعين، ألا ترى أننا لو قلنا إنه يقول ذلك قبل التكبير يكون قولًا مبتدعًا، لم يرد عن السلف فضلًا عن النبي ، ناهيك أن الاقتصار على حديث أنس - الذي جعله المؤلف عمدته في هذا الباب دون العمل بالأحاديث الأخرى المثبتة للاستفتاح - سيؤدي إلى إبطال ثلاث سنن واردة عن النبي وهي: الاستفتاح، والتعوذ، والبسملة، على أن حديث أنس ليس صريحًا في نفي هذه الأذكار، قال الحافظ ابن حجر بعد ذكره ألفاظ الحديث وطرقه: "وإذا انتهى البحث إلى أن محصل حديث أنس نفي الجهر بالبسملة على ما ظهر من طريق الجمع بين مختلف الروايات عنه .. وقد تحرر أن المراد بحديث أنس بيان ما يفتتح به القراءة، فليس فيه تعرض لنفي دعاء الاستفتاح". الفتح (٣/ ١٦٤) وقد قدمت لك أيضًا في طليعة المسألة أنه ورد عن الإمام مالك القول بالاستفتاح كما نقله عنه القرافي، وهذا قول يوافق السنة، والحمد لله.
(١) أخرجه الشافعي في الأم (٢/ ٢٤١).
(٢) تقدم في التعليق السابق بيان ما يرد تأويل المصنف بأن ذلك كان قبل الصلاة؛ لأن حديث علي ورد في رواية مسلم أنه كان يقوله بعد التكبير، وحديث أبي هريرة فيه: كان إذا قام إلى الصلاة ثم كبر قال: وجهت .. إلى آخره. وهذا كله ينفي ما تأوله المصنف. والعلم عند الله تعالى.
(٣) سورة المائدة، الآية (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>