للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدليل لقولنا أن الطريق إلى إثبات أنه من السورة كالطريق إلى إثبات السورة نفسها، فلو كانت آية منها؛ لجرت مجراها في باب النقل الذي يقطع العذر، ويوقع العلم، ألا ترى أنهم لم يختلفوا أن النبي قرأ "الحمد لله رب العالمين"، كما لم يختلفوا أنه قرأ فاتحة الكتاب، [و] (١) وقع العلم بهما وقوعًا واحدًا، ولما اختلفوا في بسم الله الرحمن الرحيم؛ فقال بعضهم: قرأها من فاتحة الكتاب، وقال بعضهم: لم يقرأها منها، ولم يقع لنا العلم الضروري بذلك؛ علمنا أنها ليست منها، ألا ترى أن صلاة الظهر وصلاة العصر لما كان الطريق إلى إثباتهما واحدًا؛ لم يختلف النقل في واحدة منهما، ووقع العلم بهما وقوعًا واحدًا.

دليل آخر: وهو أن القرآن يثبت بأحد أمرين:

إما بنقل يقطع العذر، أو إعجاز (٢).

وليس في كون "بسم الله الرحمن الرحيم" من فاتحة الكتاب شيء من ذلك، ألا ترى أنها لما أنزلت في سورة النمل، ولم تكن الآية في نفسها معجزة؛ وقع العلم الضروري بها لاستواء نقلها مع نقل الآية التي


= أحمد كمذهب الشافعي في أنه يقرأ بها في أول الفاتحة، واختلفت الرواية عنه في إثباتها من الفاتحة أو نفيها عنها. انظر المغني (٢/ ٣٠ - ٣٤).
(١) ساقطة من الأصل.
(٢) الجواب من وجهين: أحدهما: أن إثباتها في المصحف في معنى التواتر، والثاني: أن التواتر إنما يشترط فيما يثبت قرآنًا على سبيل القطع، أما ما يثبت قرآنًا على سبيل الحكم؛ فيكفي فيه الظن كما سبق بيانه، والبسملة قرآن على سبيل الحكم على الصحيح. أفاده النووي في المجموع (٤/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>