أحدها: أن ابن مسعود ﵁ لم يقل: إن النبي ﷺ لم يقرأ المعوذتين، كما قال أكثر من صلى خلف النبي ﷺ: إنه لم يقرأ بعد التكبير "بسم الله الرحمن الرحيم"، وإنما كان يفتتح بعد التكبير بالحمد الله رب العالمين، وكذلك أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي ﵃ فيما رواه أنس، وعبد الله بن مغفل، وغيرهما:"أنهم كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين"(١).
ولم يقل أحد: إن النبي ﵇ لم يكن يقرأ المعوذتين، وإنما ابن مسعود (٣١٦) أنكر إثباتهما في المصحف لشهرتهما، وأنهما لا تنسيان لكثرة استعمال الناس بالاستعاذة بهما، ومداومة قراءتهما.
وإنما يثبت من طرفين:
أحدهما: النقل.
والآخر: الإعجاز فيهما.
وليس في كون "بسم الله الرحمن الرحيم" من فاتحة الكتاب شيء من ذلك.
وجواب آخر: وهو أن المعوذتين قد ثبتتا من القرآن بالإعجاز والنقل، فلم يجز إخراجهما بالخلاف، فينبغي أن لا تثبت "بسم الله الرحمن الرحيم" أنها من فاتحة الكتاب بالاختلاف، ولأنها لو تجردت من النقل؛ لم يكن فيها