للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما حفظه الله تعالى فلن يجوز أن يذهب منه شيء، فلو كانت "بسم الله الرحمن الرحيم" من فاتحة الكتاب ومن كل سورة؛ لما جاز أن يخفى على بعض الأمة حتى تنفيه، فلا تجد الطريق إلى إثباته؛ لأنه جعل الطريق إلى إثباته الإعجاز، والخبر الذي يقطع العذر، وقد عدما هاهنا (١)، فلو كانت ثابتة على ما تدّعون؛ لكان الطريق إليها ثابتًا بعدم الاختلاف.

دليل وهو قوله تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ (٢).


(١) جنح بعض أهل العلم إلى أن إثباتها ونفيها إنما مرجعه إلى اختلاف القراءات، "فمن قرأ بالحرف الذي هي فيه فهي آية بالنسبة إليه، كالشافعي الذي يقرأ بحرف ابن كثير، وهي آية في حرف ابن كثير، ومن قرأ بالحرف الذي ليست فيه؛ فليست آية بالنسبة إليه، وحاصل هذا أنها في بعض الحروف آية، وفي بعضها غير آية، ونظير هذا الواو من قوله: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾؛ فإنها ثابتة في حرف ابن عامر والمصحف الشامي، وكالفاء من قوله: ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾؛ فإنها حرف عند بعض القراء كعاصم، مع أن المصاحف التي بقيت في المدينة فيها: ﴿فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ بلا فاء، ونحو ذلك". نثر الورود (٥٣) وإلى ذلك أشار صاحب المراقي بقوله:
وليس للقرآن تعزى البسملة … وكونها منه الخلافي نقله
وبعضهم إلى القراءة نظر … وذاك للوفاق رأي معتبر
وكلام ابن حزم في المحلى (٢/ ٢٨٣ - ٢٨٤) يومئ إلى اختياره، حيث قال: "ومن كان يقرأ برواية من عدّ من القراء "بسم الله الرحمن الرحيم" آية من القرآن؛ لم تجز الصلاة إلا بالبسملة، وهو عاصم بن أبي النجود، وحمزة، والكسائي، وعبد الله بن كثير، وغيرهم من الصحابة والتابعين . ومن كان يقرأ برواية من لا يعدها آية من أم القرآن؛ فهو مخير بين أن يبسمل وبين أن لا يبسمل، وهم: ابن عامر، وأبو عمرو، ويعقوب، وفي بعض الروايات عن نافع".
(٢) سورة النساء، الآية (٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>