للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فدليله أن ما كان من عنده لم نجد فيه اختلافًا، وبضده أنه إذا كان من غيره؛ وجد الاختلاف فيه، فلما كانت "بسم الله الرحمن الرحيم" مختلفًا في إثباتها من كل سورة؛ علمنا أن هذا التكرار من عند غيره لا من عنده؛ إذ لو كان من عنده؛ لانتفى وجود الاختلاف فيه (١).

دليل: وجدنا أهل المدينة بأسرهم ينفون كونها من كل سورة، مع اتصال البلوى بقراءتها في أول فاتحة الكتاب لو كانت منها (٢)، ومثابرة الأئمة على إقامة الصلوات وقراءة السورة فيها من لدن رسول الله إلى وقتنا هذا، ولم يكن ذلك مما يقل نزوله فينسى، أو يقع فيه قلة ضبط؛ لأن هذا أظهر وأشهر من أمر الوقوت، والأحباس، والأذان، والإقامة، وزكاة الخضراوات، والمد، والصاع، وسائر ما يحتج به مخالفنا في هذه المسألة على مخالفيه، وجرى هذا مجرى نقلهم أن هذا منبر النبي وقبره، فوجب الرجوع إليهم في نفيهم أن تكون (٣١٧) "بسم الله الرحمن الرحيم" من أول كل سورة.

ويدل على هذا أيضًا أن الذين اختلفوا في عدد الآيات على ضربين:

[منهم من عدها آية من سورة الفاتحة فقط، وليست آية من أول كل سورة.


(١) لا حجة فيه؛ لأن الاختلاف في المعوذات وفي فاتحة الكتاب أيضًا موجود بين الصحابة، وكذلك الاختلاف في تأويل كثير من آي القرآن، فدل ذلك على أن معنى الآية غير ما نزع به المخالف من ظاهرها. التمهيد (٤/ ٣٢١).
(٢) بل قد اختلف أهل المدينة في ذلك كما سبق الخلاف عن الصحابة فمن بعدهم من أهل المدينة وغيرهم، وستأتي قصة معاوية حين تركها في صلاته فأنكر عليه المهاجرون والأنصار، فأي إجماع هذا؟! ونقل النووي عن ابن عبد البر قوله: الخلاف في المسألة موجود قديمًا وحديثًا، قال: ولم يختلف أهل مكة أنها أول آية من الفاتحة، ولو ثبت إجماع أهل المدينة؛ لم يكن حجة مع وجود الخلاف لغيرهم، هذا مذهب الجمهور. المجموع (٤/ ٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>