للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: إن قوله "إذا افتتح الصلاة" لما كان تقديره "إذا افتتح القراءة"؛ علمنا أن افتتاح الصلاة يقع بغير هذا الذكر، فيصير "بسم الله الرحمن الرحيم" افتتاحًا لقراءة السورة، فلا يكون منها، كما لو قال: افتتح القراءة بالتعوذ؛ لعلمنا أنه ليس من السورة، وليس يمنع أن يكون ذكر "بسم الله الرحمن الرحيم" على وجه افتتاح القراءة، بدلالة أن اعتبارها في القسمة يخرج السورة من أن تكون مقسومة نصفين، ويصير ما لله تعالى أكثر مما للعبد.

على أن هذه الزيادة لم يروها غير ابن سمعان عن العلاء، وهو ضعيف جدًّا، وقد خالفه الثقات عن العلاء بن عبد الرحمن مثل ذلك، وابن عيينة، وابن جريج، وغيرهم، فلم يذكر أحد منهم هذه الزيادة.

فإن قيل: فإنه لم يذكرها لأن قوله في السورة: "الرحمن الرحيم" يقوم مقامها.

قيل: إن قوله: "بسم الله" أبلغ في التعظيم من "الرحمن الرحيم"؛ لأنه اسم لا يسمى به غيره (١)، (٣١٨) والرحيم يجوز تسمية غيره به (٢)؛ فلم يجز


= قال في أوله: فإذا قال: الله الرحمن الرحيم، قال: ذكرني عبدي، ولهذا اتفق أهل العلم على كذب هذه الزيادة، وإنما كثر الكذب في أحاديث الجهر لأن الشيعة ترى الجهر وهم أكذب الطوائف". مجموع الفتاوى (٢٢/ ٤٢٢ - ٤٢٣).
(١) وكذلك الرحمن لا يجوز أن يتسمى به غيره، قال ابن كثير: "الرحمن خاص به لم يسم به غيره كما قال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ وقال تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾. ولما تجهرم مسيلمة الكذاب وتسمى بـ "رحمن اليمامة"؛ كساه الله جلباب الكذب وشهر به؛ فلا يقال إلا مسيلمة الكذاب، فصار يضرب به المثل في الكذب بين أهل الحضر من أهل المدر، وأهل الوبر من أهل البادية والأعراب". تفسير القرآن العظيم (١/ ٣٨ - ٣٩).
(٢) وقد وصف اللهُ نبيه بأنه ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>