للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ (١)، ومعناه: القراءة في صلاة الفجر؛ لاتفاق الجميع أن لا فرض عليه في القراءة وقت الفجر إلا في الصلاة، وإذا كان كذلك؛ اقتضى الظاهر جواز صلاته بما سمي قرآنًا، فوجب اعتبار عمومه في أي قرآن كان (٢).

قيل: إنما أراد تعالى بقوله: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ أي صلاة الفجر، ألا تراه قال: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ (٣)، فعبر عن الصلاة بالقرآن، وكذا روي في التفسير (٤).

ويحتمل أيضًا أن يكون تعالى خاطبه بمعهود قد عرفه من قرآن الفجر وهو فاتحة الكتاب، ألا ترى أنه أضافه إلى معرفة، فصار قرآن الفجر معرفة.

وكل ما يروونه من حديث فيه أن النبي قال: "ويقرأ بما تيسر" (٥)؛ الجواب عنه كالجواب عن الآية. (٣٢٣)

فإن قيل: فإن معرفة وجوب قراءة فاتحة الكتاب وبطلان الصلاة من الأمور التي تعم البلوى به، فلو كان ثابتًا؛ لأوقف النبي الجماعة عليه وعلى حمله، ولو فعل ذلك؛ لنقل من طريق الاستفاضة.

قيل: مثل هذا ينقلب عليكم؛ لأن الصلاة واجبة، والقراءة فيها واجبة،


(١) سورة الإسراء، الآية (٧٨).
(٢) انظر أحكام القرآن للجصاص (١/ ٢٠).
(٣) سورة الإسراء، الآية (٧٨).
(٤) انظر تفسير ابن جرير (٧/ ٥٢٣١ - ٥٢٣٣) وتفسير ابن كثير (٤/ ٣٣٣) وانظر أيضًا المحلى (٢/ ٢٦٩).
(٥) تقدم تخريجه (٤/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>