فإن قال: أنا لا أسلم (٣٢٥) تعيين القراءة في الصلاة.
قيل: ولا معنى لإلزامك ما ألزمتنا إلا بعد تسليم الأصل، وإلا فهو سؤال ساقط.
فإن قيل: فإن أصل الأذكار أنها غير واجبة، فلا يصح إيجابها إلا بعدما قامت عليه الدلالة، [والدلالة](١) على هذا جواز ترك القراءة مع القدرة عليها، وهو في حال إدراك الإمام في الركوع، وبمثله لو ترك الجزء اليسير من القيام لم يجزئه، وإذا كان كذلك؛ فلو أوجبنا الذكر في جميع الركعات كإيجاب الأفعال؛ كنا قد أخرجنا الأذكار عن موضوعها، وجعلناها في حد الفعل، وهذا لا يصح.
قيل: هذا لا يلزم؛ وذلك أن المأموم لو لحق الإمام قبل أن يركع؛ ما وجب عليه أن يقرأ عندنا وعندكم، ولم يدل هذا على أن القراءة ليست بواجبة على المنفرد في الركعتين الأوليين، وعلى الإمام أيضًا، فلما قلتم: إنها فرض عليهما - وإن لم تتعين -؛ سقط هذا الاعتبار، ولا ننكر أن تكون القراءة واجبة على الإمام والمنفرد في جميع الركعات وإن كان الفعل أقوى منها، كما وجبت في ركعتين وإن كان الفعل أقوى منها، ولسنا نجعل القراءة في حد الفعل وإن كانت واجبة؛ لأننا نسقط القراءة عن المأموم، وعمن لا يحسنها، ولا يسقط الفعل، فلا يمتنع أن يكون الشيء فرضًا وإن كان هناك فرض آخر آكد منه، فلا معنى لما ذكروه.