للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: قوله تعالى: ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ يقتضي ترك القراءة أصلًا، ولا يمتنع أن يكونوا يرفعون أصواتهم فيمنعون من القراءة جملة، والظاهر يقتضي ذلك.

وعلى أننا قد استفدنا ترك رفع الصوت من قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ﴾ (١).

وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى﴾ (٢).

وقد روى عبد الرحمان بن زيد بن أسلم قال: حدثني أبي أن النبي كان ينهى عن القراءة خلف الإمام، وأن أصحاب النبي كانوا ينهون على القراءة خلف الإمام، وأن هذه الآية نزلت فيه: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ (٣).

ويدل على صحة قولنا أيضًا ما رواه أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا" (٤).


(١) سورة الحجرات، الآية (٢).
(٢) سورة الحجرات، الآية (٣).
(٣) روي نحو هذا عن إبراهيم النخعي أخرجه ابن أبي شيبة (٨٤٥٨).
(٤) أخرجه أبو داود (٦٠٤) النسائي (٩٢١) وابن ماجه (٨٤٦) وأحمد (٢/ ٤٢٠) من طريق أبي خالد سليمان بن معدان عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا. وأعل بعلتين: انفراد أبي خالد عن محمد بن عجلان، أعله بذلك أبو داود، والبيهقي، وأبو علي النيسابوري، ويحيى بن معين، وأبو حاتم الرازي، والثانية تفرد ابن عجلان عن أبي صالح، أعله بذلك أبو حاتم وغيره، وقد أجاب عن هاتين العلتين =

<<  <  ج: ص:  >  >>