للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو الذي يتحمل عن غيره ما كان عليه أو بعضه، فقلبوا المقالة وأحكام الصلاة، فصيروا الإمام هو التابع (١)، وصيروه وإياهم مختلفين في أداء الفرائض من الصلاة، فإذا سكت قرؤوا، وإذا قرأ سكتوا، فأخرجوه من اسم الإمامة ومعناها، لأن هذا غاية المباينة والمضادة، وصيروا للإمام سكتتين بقراءة من خلفه، فصيروه في السكتة الثانية قائمًا من أجل من يقرأ خلفه بأم القرآن، وهو لا يدري لعل من خلفه قد قرأ، فيصير منتظرًا لمن لا يدري هل يحتاج إلى القراءة أم لا، ويصير قائمًا في الصلاة لغير فرض، ولو كان هذا؛ لأشبهت صلاة الخوف التي جعلت للضرورة، بل هي أبين من هذا؛ لأن الإمام يعلم أنها فرض لم [تصل] (٢) إذا كان قد قسمهم قسمين.

فإن زعموا أن المصلين أيضًا مضطرون [في] (٣) القراءة؛ فقد خالفوا في ذلك؛ لأن المضطر ليس يقصد إلى فعل الشيء، ألا ترى أن الغازي ليست يقصد بغزوه إلى أن يصلي صلاة الخوف، وإنما يقصد العدو، فتحدث حال تضطره إلى صلاة الخوف، وكذلك المضطر إلى الميتة ليس يسافر لأكلها.

وقد قال بعض من قال بهذه المقالة: إن على من خلف الإمام أن يقرأ بأم القرآن وإن قرأ الإمام بها وجهر، ولا يستمع له، وعليه أن يستمع ما بعد ذلك؛ لأنه تأول قوله: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ عني بذلك ما بعد فاتحة الكتاب، وهو جرأة شديدة، فيه خلاف ظاهر القرآن (٤).


(١) نحوه في أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٥٤).
(٢) في الأصل: تصلى.
(٣) هكذا بالأصل، ولعل الصواب: إلى.
(٤) انظر المجموع (٤/ ٤٥٨ - ٤٥٩) والفتح (٢/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>