فإن قيل: فعلى أي شيء تحملون قوله هاهنا "الوسطى" حتى لا يكون لغوا.
قيل: يحتمل أن يكون ﷺ أراد هاهنا بذكر الوسطى الظهر؛ لأنها تتوسط النهار؛ لأنها الوسطى من الصلوات التي أرادها الله تعالى، أي أخرونا عن صلاة نصف النهار إلى هذه الغاية لبعدها و [بين](١) غروب الشمس حتى خرج وقتها المشترك الذي كان يجمع فيه بينها وبين العصر.
والجواب عن قولهم:"إن الوسطى ما توسط الشيء، وأنها واسطة بين صلاتي النهار وصلاتي الليل"؛ فقد بينا أن صلاة الصبح قد اختلف فيها، فقالت طائفة: إنها ليست من صلاة النهار، ولا من صلاة الليل، وأنها من صلاة اليوم، ولم يختلفوا أن المغرب والعشاء من صلاة الليل، ولا أن صلاة الظهر والعصر من صلاة النهار، فهي أولى أن تكون هي الوسطى، أعني الصبح، وأنها متوسطة بين صلوات يجمع بين كل ثنتين منها، وأنها مخصوصة لا يجمع بينها وبين غيرها، فهي أولى.
واستدل من قال: إنها المغرب؛ بأن الوسطى إنما هو الشيء الوسط بين الشيئين، الذي ليس مثل أكثرهما عددا، ولا مثل أقلهما عددا، وهذا لا يلزم؛ لأنه لو كان المراعاة هذا؛ لكانت المحافظة على ما كثر عددا أولى؛ لأن ما كثر عدده أشق على النفوس وأثقله، فالحث على المحافظة لما يثقل ويشق أولى؛ لأن الذي يثقل ويشق ربما لحق فيه التواني، فعلمنا أن التأكيد لم يقع
(١) كلمة لم أتبينها من الأصل، وما أثبته أقرب إلى رسمها.