للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: إن أردتم أن هذا في اللغة كذلك؛ فإن الظاهر من اللغة يستوي فيه الركوع والسجود، يقال: سجد البعير إذا انحنى، وركع: إذا طأطأ رأسه (١)، وهذا معنى واحد، والشريعة قد فصلت بينهما، فانضاف من جهة الشريعة إلى الاسم معنى آخر؛ كما انضاف إلى الصلاة التي هي الدعاء في اللغة (٢) مضاف آخر، وقد بينا ما انضاف إلى ذلك من قول النبي وفعله في الاعتدال (٣).

فإن قيل: فإن هذه حال أودع فيها ذكر مسنون أو مستحب، فهي مسنونة غير مفروضة كجلوس التشهد الأول (٤).

قيل: هذا فاسد لا يلزم خاصة على مذهبكم؛ لأن جلوس التشهد الأخير عندكم واجب، والتشهد فيه مسنون، والسلام فيه أيضا عندكم مسنون.

وعلى أنه ينبغي على هذا الحساب أن لا يكون نفس الركوع فرضا، كما لم يكن نفس جلوس التشهد الأول فرضا.

على أننا نقول: كل خضوع متكرر في الصلاة لا يبتدأ إلا عن قيام؛ فهو مستحق؛ دليله نفس الركوع، فكذلك الاعتدال فيه.

فإذا ثبت ذلك؛ فما قاربه فهو في حكمه، وما كان إلى الركوع والسجود أقرب؛ فهو في حكمهما، فكأنه لم يرفع رأسه.


(١) انظر اللسان مادة (ركع) و (سجد).
(٢) انظر اللسان مادة (صلى).
(٣) ويؤيده أن الآية نزلت تأكيدا لوجوب السجود، وكان النبي ومن معه يصلون قبل ذلك، ولم يكن النبي يصلي بغير طمأنينة. أفاده ابن حجر في الفتح (٣/ ٢٤٧).
(٤) انظر حاشية شرح فتح القدير (١/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>