للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدليل على أن ما قارب الشيء في حكمه؛ أن المريض قد جعلت أحكامه إذا كان مرضه مخوفا كأحكام الميت في عطاياه أنها معتبرة من الثلث، وفي أحكام آخر غير ذلك من نكاحه (١) وطلاقه، ولهذا قال تعالى: ﴿إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ (٢)، وقوله: ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (٣)، ولم يروا الموت، وإنما رأوا دلائله، وكذلك لو أدرك المأموم الإمام في التشهد الأخير؛ لم يلزمه البناء على صلاته؛ لأن الإمام يصير في حكم من قد فرغ من صلاته، ولم يدرك المأموم ما يبني عليه.

فيجوز أن نقول: إذا قارب الاعتدال؛ أجزأه لأنه في حكمه، فإن كان إلى الركوع أقرب؛ لم يجزئه؛ لأنه في حكمه، فكأنه إذا أتى بالأكثر عفي له عن الأقل؛ لأن العمل القليل فيها قد عفي عنه، فكذلك ترك العمل اليسير من كل ركن معفو عنه، ألا ترى أن في الناس من يُطول، ومنهم من يتوسط، ومنهم من يخفف في صلاته، ولم تجعل على حد واحد لكل الناس، فصح ما قلناه. وبالله التوفيق.

وكذلك نقول في الجلسة بين السجدتين، والخلاف فيها واحد (٤)، وقد روي عن النبي أنه قال للأعرابي: "ثم ارفع رأسك حتى تستوي جالسا" (٥)،


(١) سيناقش المصنف حكم نكاح المريض في كتاب النكاح.
(٢) سورة البقرة، الآية (١٧٩).
(٣) سورة آل عمران، الآية (١٤٣).
(٤) انظر الكافي لابن عبد البر (٤١) الأم (٢/ ٢٦٢) المجموع (٤/ ٥٧٣) المغني (٢/ ٨٥ - ٨٦) التجويد (٢/ ١٥٤٧ - ٥٤٨).
(٥) نحوه في رواية أبي داود (٨٥٨) والنسائي (١١٣٦) وانظر الفتح (٣/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>