فإن قيل: فإنه بعد هذا كله يقوم إلى ما ندب إليه، فليس جلوسه جلوس استقرار.
قيل: لا يضر مَن سبيله أن يكون في صلاته كلها كالمستقر في موضع ركوعه، وجلوسه، وسجوده، لا كالمستوفز، ألا ترى أن الاعتدال في الركوع، والسجود، والقعود بين السجود، والاعتدال من الركوع؛ كله على طريقة واحدة؛ وإن كان بعضه فيه أهبة القيام وهو نفس الركوع، والاعتدال منه فيه أهبة السجود والقعود، ولم يقع الفصل بين ذلك، بل وجب أن يكون كله على طريقة واحدة في التمكن، فكذلك الجلوس كله.
فإن قيل: فينبغي أن يكون بين [الجلسة في التشهد الأول وبين](١) الجلسة في التشهد الأخير فصل، وهو أن الأمر لو استوى فيهما؛ لجاز أن يحضر رجل آخِر الصلاة، فيظن أنه في التشهد الأول، فينتظره ليدخل معه في الصلاة، فإذا سلم؛ فاتته جماعة أخرى.
قيل: فليزمك هذا أيضا في الجلسة بين السجدتين في الركعة الأخيرة؛ لأنه يظن أنه في الثانية أو الثالثة التي بعدها ما يدرك به الصلاة، فإذا انتظر خرج منها إلى التشهد، فيظنه أيضا التشهد الأول، فإذا سلم فاتته جماعة أخرى، (٣٣٤) وانتظاره هاهنا أطول من انتظاره إذا أدركه في التشهد، فلما لم يفصل بين القعود في السجود كله؛ لم يلزمنا أن نفصل القعود للتشهد. وبالله التوفيق.
فإن قال قائل من العراقيين: فقد روي في خبر ميمونة: "أنه ﷺ كان
(١) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأثبته من السياق.